فرعون السرياليه العنيد
حتى آخر ضربة فرشاه.. كان سوريالياً ، وحتى آخر نفس لفظه فى سماء باريس .. كان مصرياً ، وحتى آخر نظرة ألقاها على المطر الباريسى المنهمر كان عنيداً.. ربما ساورته نفسه ليركض كعادته فى شوارع باريس ليتساقط المطر على رأسه العارى ، فرحاً كطفل مشاغب .. ورغم ذلك كله رحل سمير رافع السوريالى الفرعونى العنيد.. تاركاً وراءه تراثاً ضخماًمن الاعمال الفنيه، والكتابات الجماليه ، والفكريه ، التى تعد بحق كنزاً مصرياً مختلفاً ومغايراً .. ليس فقط لان أعماله قد أعترف وأشاد بها النقاد الغربيون والفنانون العالميون كبيكاسو وجياكوميت وجان كوكتو وغيرهم ..ولكن لان الرجل كان يحمل بين حنايا صدره مشروعاً فنياً مختلفاً واصيلاً ، وظل مخلصاً لروح بلاده الحضاريه تماماً كما قال عنه النحات العالمى جياكوميت ( إن سمير رافع من فصيله الفراعنه .. يحب القوه والدوام فى الخامات الى تصمد فى الفراغ وامام الزمن )
وظل سمير رافع بالفعل مخلصاً لروح الحضاره المصرية الكامنه فى وجدانه ... مستلهماً ( بناء )الفن المصرى القديم دون ان يعيد انتاجه .. بل ليعيد صياغه هذا البناء من خلال روح سورياليه يغلفها سكون أسطورى مهيب ، يشعر المشاهد وكأنه يرى بعينيه الزمن وقد توقف ، أو كأنه يسمع ايقاع هذا الزمن بأذنيه إنها سورياليه من نوع خاص . لاتهتم بالغرائبى قدر أهتمامها بالتجريد والبناء ، ولا تهتم بالتهويم الحلمى قدر أهتمامها بالرمز. لا تحتفل بتداخل التفاصيل وتداعيتها قدر أهتمامها بالتلخيص والبساطه السامقه الراسخه ورغم ماكتبه النقاد من مختلف الاجيال والاتجاهات عن ابداعات سمير رافع . مازال انتاجه المتميز بحاجه الى مزيد من التأمل والجهد الجمالى الصادق ، وتحتاج أعماله التى تركت فى باريس الى تكريم لائق ، ليس فقط لانه يستحق التكريم ولكن لان من واجبنا الحفاظ على ذاكرتنا الفنيه والجماليه التى هى أمانه فى أعناق الجيل الحالى ينبغى أن نؤديها حتى لا تلعننا الاجيال القادمه.
منقول عن مقال للاستاذ أسامه عفيفى
ارجو ان تستفادون منه .